الرد على شبهة قول أبوبكر " فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته
الرد على شبهة قول أبوبكر " فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته ".
الطبراني - المعجم الكبير - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 62 )
41 - "حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج المصري ، ثنا سعيد بن عفير ، حدثني
علوان بن داود البجلي ،
عن حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن صالح بن كيسان ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، قال : دخلت على أبي بكر ( ر ) ،
أعوده في مرضه الذي توفي فيه ، فسلمت عليه وسألته كيف أصبحت ، فاستوى جالسا ، فقلت : أصبحت بحمد الله بارئا ، فقال : أما إني على ما ترى وجع ، وجعلتم لي شغلا مع وجعي ، جعلت لكم عهدا من بعدي ، واخترت لكم خيركم في نفسي فكلكم ورم لذلك أنفه رجاء أن يكون الأمر له ، ورأيت الدنيا قد أقبلت ولما تقبل وهي جائية ، وستنجدون بيوتكم بسور الحرير ، ونضائد الديباج ، وتألمون ضجائع الصوف الأذري ، كأن أحدكم على حسك السعدان ، ووالله لأن يقدم أحدكم فيضرب عنقه ، في غير حد خير له من أن يسيح في غمرة الدنيا ثم قال : أما إني لا آسى على شيء ، إلا على ثلاث فعلتهن ، وددت أني لم أفعلهن ، وثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهن ، وثلاث وددت أني سألت رسول الله (ص) عنهن ،
فأما الثلاث اللاتي وددت أني لم أفعلهن :
فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته ، وأن أغلق علي الحرب ، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين : أبي عبيدة أو عمر ، فكان أمير المؤمنين ، وكنت وزيرا ، ووددت أني حيث كنت وجهت خالد بن الوليد إلى أهل الردة ، أقمت بذي القصة فإن ظفر المسلمون ظفروا ، وإلا كنت ردءا أو مددا ، وأما اللاتي وددت أني فعلتها : فوددت أني يوم أتيت بالأشعث أسيرا ضربت عنقه ، فإنه يخيل إلي أنه يكون شر الإطار إليه ، ووددت أني يوم أتيت بالفجاة السلمي لم أكن أحرقه ، وقتلته سريحا ، أو أطلقته نجيحا ، ووددت أني حيث وجهت خالد بن الوليد إلى الشام وجهت عمر إلى العراق فأكون قد بسطت يدي يميني وشمالي في سبيل الله عز وجل ، وأما الثلاث اللاتي وددت أني سألت رسول الله (ص) : عنهن ، فوددت أني كنت سألته فيمن هذا الأمر فلا ينازعه أهله ، ووددت أني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر سبب ، ووددت أني سألته عن العمة وبنت الأخ ، فإن في نفسي منهما حاجة . "
======
هذا الأثر الضعيف أخرجه الطبراني في معجمه الكبير ومن طريقه الضياء في المختارة وابن زنجويه في كتاب الأموال والعقيلي في الضعفاء وابن عساكر في تاريخ دمشق والطبري في تاريخه.
قلت وهو أثر ضعيف فيه عدة علل :
الأولى :- مداره من جميع طرقه على علوان بن داود البجلي وهو راو ضعيف أطبق الأئمة على تضعيفه.
قال البخاري عنه منكر الحديث وهكذا قال ابن يونس وقد ذكره غير واحد بهذا الأثر وأنه من منكراته منهم الحافظ الذهبي في ميزانه والحافظ ابن حجر في اللسان والعقيلي في الضعفاء.
قال العقيلي في الضعفاء لا يتابع على حديثه ولا يعرف إلا به ، وقال الهيثمي في المجمع رواه الطبراني وفيه علوان بن داود وهو ضعيف وهذا الأثر مما أنكر عليه.
فإن قيل قد روي من وجه آخر ليس فيه علوان بن داود كما في رواية ابن عساكر في تاريخه بإسناده عن أبي الهيثم خالد بن القاسم قال حدثنا الليث بن سعد عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدالرحمن بن عوف أنه دخل على أبي بكر الصديق يعوده في مرضه الذي مات فيه .... الحديث .
قلنا هذا الطريق غير محفوظ وذلك لأن أبا الهيثم خالد بن القاسم هذا متروك تركه الناس أي أئمة الحديث ونقاله , تركوه وذلك لأنه كان كذاباً يزيد في الأسانيد وينقص لا سيما عن الليث وقد خالفه تلاميذ الليث ممن في طبقته وهم الثقات فرووه عن الليث بن سعد عن علوان بن داود عن صالح بن كيسان به منهم يحيي بن عبدالله بن بكير وهو ثقة في الليث ومنهم عثمان بن صالح المصري صدوق ومنهم كاتبه أي كاتب الليث أبوصالح ولا شك أن الجماعة مقدمة في الليث على ذلك الفرد المتروك .
ويؤكد ذلك أن الليث بن سعد قد تابعه سعيد بن عفير عند الطبراني فرواه عن علوان بن داود البجلي عن حميد به وسعيد بن عفير ثقة.
وعليه فالصحيح أن هذا الأثر كما سبق عن الأئمة من مفردات علوان بن داود ومن منكراته ولا يعرف إلا من طريقه.
ولذا قال ابن عساكر في تاريخه وهو الذي أخرج تلك الرواية قال: رواه خالد بن القاسم المدائني وأسقط منه علوان بن داود وقد وقع لي عالياً من حديث الليث وفيه ذكر علوان ثم أكد ذلك بإسناده العالي عن محمد بن رمح عن الليث عن علوان .
قلت: ومحمد بن رمح هذا ثقة ثبت.
فهؤلاء أربعة من الثقات قد خالفوا ذلك المدائني الكذاب وعليه فالحديث حديث علوان بن داود لا ريب وهو ضعيف منكر الحديث.
العلة الثانية: اضطراب علوان بن داود هذا في إسناد حديثه فمرة يرويه كما سبق عن حميد بن عبدالرحمن بن حميد عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدالرحمن بن عوف عن ابيه.
ومرة يرويه بإسقاط الرجلين أي مباشرة عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدالرحمن عن أبيه.
ومرة يرويه مرسلا أي عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدالرحمن عن أبي بكر أي دون أن يرويه عن أبيه.
ولا غرابة في اضطرابه فهو كما ذكرنا ضعيف منكر الحديث لا يحتمل منه إلا ذلك.
ولأجل ما سبق أطبق جماعة من أئمة الحديث على تضعيف هذا الأثر منهم الحافظ العقيلي في الضعفاء والإمام الذهبي في الميزان والحافظ ابن حجر في اللسان على ماتقدم والله ولي التوفيق ..