من ال البيت الفقير الى الله
عدد المساهمات : 636 تاريخ التسجيل : 30/03/2009
| موضوع: الاسمـــاء والصفـــات السبت ديسمبر 26, 2009 1:31 am | |
| الاسم : ((هو ما دل على معنى في نفسه)) (1) ، و ((أسماء الأشياء هي الألفاظ الدالة عليها)) (2) [[ ((وقيل : الاسم ما أنبأ عن المسمى ، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى ، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل)) (3) . الصفة : ((هي الاسم الدال على بعض أحوال الذات...وهي الأمارة اللازمة بذات الموصوف الذي يُعرف بها)) (4) ، ((وهي ما وقع الوصف مشتقاً منها ، وهو دالٌ عليها ، وذلك مثل العلم والقدرة ونحوه)) (5) . وقال ابن فارس : ((الصفة : الأمارة اللازمة للشيء)) (6) ، وقال : ((النعت : وصفك الشيء بما فيه من حسن)) (7) .
الفرق بين الاسم والصفة :]] (*) سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية عن الفرق بين الاسم والصفة ؟ فأجابت بما يلي : ((أسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به ؛ مثل : القادر ، العليم ، الحكيم ، السميع ، البصير ؛ فإن هذه الأسماء دلَّت على ذات الله ، وعلى ما قام بها من العلم والحكمة والسمع والبصر ، أما الصفات ؛ فهي نعوت الكمال القائمة بالذات ؛ كالعلم والحكمة والسمع والبصر ؛ فالاسم دل على أمرين ، والصفة دلت على أمر واحد ، ويقال : الاسم متضمن للصفة ، والصفة مستلزمة للاسم ... )) (8) . ولمعرفة ما يُميِّز الاسم عن الصفة ، والصفة عن الاسم أمور ، منها : أولاً : ((أن الأسماء يشتق منها صفات ، أما الصفات ؛ فلا يشتق منها أسماء ، فنشتق من أسماء الله الرحيم والقادر والعظيم ، صفات الرحمة والقدرة والعظمة ، لكن لا نشتق من صفات الإرادة والمجيء والمكر اسم المريد والجائي والماكر)) (9) . _________ (1) ((التعريفات)) للجرجاني (ص24). (2) ((مجموع الفتاوى)) (6/195). (3) ((الكليات)) لأبي البقاء الكفوي (ص 83). (4) ((التعريفات)) (ص 133). (5) ((الكليات)) (ص546) ويعنى بالوصف هنا الاسم ؛ فالعلم صفة ، والعالم وصف دال عليها ، والقدرة صفة ، والقادر وصف دال عليها. (6) ((معجم مقاييس اللغة)) (5/448). (7) المصدر السابق (6/115). (8) ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (3/116-فتوى رقم 8942). (9) انظر: القاعدة الثامنة. (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة : ما بين [[معكوفين]] ليس في المصورة (الطبعة الثالثة)
فأسماؤه سبحانه وتعالى أوصاف ؛ كما قال ابن القيم في ((النونية)) :
أسماؤُهُ أوْصافُ مَدْحٍ كُلُّها ... مُشْتَقَّةٌ قَدْ حُمِّلَتْ لِمَعان ِ ثانياً : ((أن الاسم لا يُشتق من أفعال الله ؛ فلا نشتق من كونه يحب ويكره ويغضب اسم المحب والكاره والغاضب ، أما صفاته ؛ فتشتق من أفعاله فنثبت له صفة المحبة والكره والغضب ونحوها من تلك الأفعال ، لذلك قيل : باب الصفات أوسع من باب الأسماء)) (1) . ثالثاً : أن أسماء الله عَزَّ وجَلَّ وصفاته تشترك في الاستعاذة بها والحلف بها (2) ، لكن تختلف في التعبد والدعاء ، فيتعبد الله بأسمائه ، فنقول : عبد الكريم ، وعبد الرحمن ، وعبد العزيز ، لكن لا يُتعبد بصفاته؛ فلا نقول : عبد الكرم ، وعبد الرحمة ، وعبد العزة ؛ كما أنه يُدعى اللهُ بأسمائه، فنقول : يا رحيم ! ارحمنا ، ويا كريم! أكرمنا ، ويا لطيف! الطف بنا ، لكن لا ندعو صفاته فنقول : يا رحمة الله! ارحمينا ، أو : يا كرم الله ! أو :يا لطف الله ! ذلك _________ (1) انظر: ((مدارج السالكين)) (3/415). (2) انظر : القاعدة الثانية عشرة
أن الصفة ليست هي الموصوف ؛ فالرحمة ليست هي الله ، بل هي صفةٌ لله ، وكذلك العزة ، وغيرها ؛ فهذه صفات لله ، وليست هي الله ، ولا يجوز التعبد إلا لله ، ولا يجوز دعاء إلا الله ؛ لقوله تعالى : { يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا } [النور : 55] ، وقوله تعالى { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [غافر :60] وغيرها من الآيات (1) . _________ (1) انظر : ((فتاوى الشيخ ابن عثيمين)) (1/26-ترتيب أشرف عبد المقصود) ، وقد نسب هذا القول لشيخ الإسلام ابن تيمية ، لكن ينبغي هنا أن نفرق بين دعاء الصفة كما سبق وبين دعاء الله بصفة من صفاته ؛ كأن تقول : اللهم ارحمنا برحمتك ، فهذا لا بأس به. والله أعلم.
قواعد عامَّة في الصفات القاعدة الأولى : ((إثباتُ ما أثبته الله لنفسه في كتابه ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل)) (1) . لأن الله أعلم بنفسه من غيره ، ورسوله صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بربه. القاعدة الثانية : ((نفيُ ما نفاه الله عن نفسه في كتابه ، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم ، مع اعتقاد ثبوت كمال ضده لله تعالى)) (2) . لأن الله أعلم بنفسه من خلقه ، ورسوله أعلم الناس بربه ؛ فنفي الموت عنه يتضمن كمال حياته ، ونفي الظلم يتضمن كمال عدله ، ونفي النوم يتضمن كمال قيُّوميَّته. _________ (1) ((عقيدة السلف أصحاب الحديث)) للصابوني (ص 4) ، ((مجموع الفتاوى)) (3/3 ، 4/182 ، 5/26، 6/38 ، 6/515) (2) ((العقيدة التدمرية)) لابن تيمية (ص 58) ، ((الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح)) له أيضاً (3/139).
القاعدة الثالثة : ((صفات الله عَزَّ وجَلَّ توقيفية ؛ فلا يُثبت منها إلا ما أثبته الله لنفسه ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا يُنفى عن الله عَزَّ وجَلَّ إلا ما نفاه عن نفسه ، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم)) (1) . لأنه لا أحد أعلم بالله من نفسه تعالى ، ولا مخلوقٌ أعلم بخالقه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. القاعدة الرابعة : ((التوقف في الألفاظ المجملة التي لم يرد إثباتها ولا نفيها ، أما معناها ؛ فَيُسْتفصل عنه ، فإن أريد به باطل يُنَزَّه الله عنه ؛ رُدَّ ، وإن أريد به حق لا يمتنع على الله ؛ قُبِلَ ، مع بيان ما يدلُّ على المعنى الصواب من الألفاظ الشرعية، والدعوة إلى استعماله مكان هذا اللفظ المجمل الحادث)) (2) . مثاله : لفظة (الجهة) : نتوقف في إثباتها ونفيها ، ونسأل قائلها : ماذا تعني بالجهة؟ فإن قال : أعني أنه في مكان يحويه. قلنا : هذا معنى باطل يُنَزَّه الله عنه ، ورددناه . وإن قال : أعني جهة العلو المطلق ؛ قُلْنا : هذا حق لا يمتنع على الله.وقبلنا منه المعنى ، وقلنا له : لكن الأولى أن تقول : هو السماء ، أو في العلو ؛ كما وردت به الأدلة الصحيحة ، وأما لفظة (جهة) ؛ فهي مجملة حادثة ، الأولى تركها.
_________
(1) ((مجموع الفتاوى)) (5/26). (2) ((التدمرية)) (ص 65) ، ((مجموع الفتاوى)) (5/299 و 6/36).
السماء ، أو في العلو ؛ كما وردت به الأدلة الصحيحة ، وأما لفظة (جهة) ؛ فهي مجملة حادثة ، الأولى تركها. القاعدة الخامسة : ((كل صفة ثبتت بالنقل الصحيح ؛ وافقت العقل الصريح ، ولابد)) (1) . القاعدة السادسة : ((قطع الطمع عن إدراك حقيقة الكيفية)) (2) ؛ لقوله تعالى: { وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا } . القاعدة السابعة : ((صفات الله عَزَّ وجَلَّ تُثبت على وجه التفصيل ، وتنفى على وجه الإجمال)) (3) . فالإثبات المفصل ؛ كإثبات السمع والبصر وسائر الصفات ، والنفي المجمل كنفي المثلية في قوله تعالى : { ليسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } . _________ (1) ((مختصر الصواعق المرسلة)) (1/141 ، 253). (2) ((منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات)) لمحمد الأمين الشنقيطي (ص26). (3) ((مجموع الفتاوى)) (6/37 و 515).
لقاعدة الثامنة : ((كل اسم ثبت لله عَزَّ وجَلَّ ؛ فهو متضمن لصفة ، ولا عكس)) (1) . مثاله : اسم الرحمن متضمن صفة الرحمة ، والكريم يتضمن صفة الكرم، واللطيف يتضمن صفة اللطف ... وهكذا ، لكن صفاته : الإرادة ، والإتيان ، والاستواء، لا نشتق منها أسماء، فنقول : المريد، والآتي، والمستوي 00 وهكذا القاعدة التاسعة : ((صفات الله تعالى كلها صفات كمال ، لا نقص فيها بوجهٍ من الوجوه)) (2) . القاعدة العاشرة : ((صفات الله عَزَّ وجَلَّ ذاتِيَّة وفعليَّة ، والصفات الفعليَّة متعلقة بأفعاله ، وأفعاله لا منتهى لها)) (3) ، { وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ } . القاعدة الحادية عشرة : ((دلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة : إما التصريح بها ، أو _________ (1) ((بدائع الفوائد)) (1/162) لابن القيم ، ((القواعد المثلى)) (ص 30) لابن عثيمين. (2) ((مجموع الفتاوى)) (5/206) ، (( مختصر الصواعق المرسلة)) (1/232) ، (( بدائع الفوائد)) (1/168).
تضمن الاسم لها ، أو التصريح بفعلٍ أو وصفٍ دالٍّ عليها)) (1) . مثال الأول : الرحمة ، والعزة ، والقوة ، والوجه ، واليدين ، والأصابع ... ونحو ذلك. مثال الثاني : البصير متضمن صفة البصر ، والسميع متضمن صفة السمع .. ونحو ذلك. مثال الثالث : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } : دالٌّ على الاستواء ، { إِنَّا مِنْ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ } : دالٌّ على الانتقام ... ونحو ذلك.
القاعدة الثانية عشرة : ((صفات الله عَزَّ وجَلَّ يستعاذ بها ويُحلف بها)) (2) . ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : ((أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك..)). رواه مسلم (486) ، ولذلك بوب البخاري في كتاب الأيمان والنذور : ((باب : الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته)).
القاعدة الثالثة عشرة : ((الكلام في الصفات كالكلام في الذات)) _________ (1) ((القواعد المثلى)) (ص38). (2) ((مجموع الفتاوى)) (6/143 ، 229) و (35/273)، وانظر : ((شرح السنة)) للبغوي (1/185-187) ، وفَرَّق بعضهم بين الحلف بالصفة الفعليَّة والصفة الذاتِيَّة ، وقالوا : لا يجوز الحلف بصفات الفعل.
(1) . فكما أن ذاته حقيقية لا تشبه الذوات ؛ فهي متصفة بصفات حقيقية لا تشبه الصفات ، وكما أن إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية ، كذلك إثبات الصفات. القاعدة الرابعة عشرة : ((القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر)) (2) . فمن أقر بصفات الله ؛ كالسمع ، والبصر ، والإرادة ، يلزمه أن يقر بمحبة الله ، ورضاه ، وغضبه ، وكراهيته. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ((ومن فرق بين صفة وصفة ، مع تساويهما في أسباب الحقيقة والمجاز ؛ كان متناقضاً في قوله ، متهافتاً في مذهبه ، مشابهاً لمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض)) (3) . القاعدة الخامسة عشرة : ((ما أضيف إلى الله مما هو غير بائنٍ عنه ؛ فهو صفة له غير مخلوقة ، وكلُّ شيء أضيف إلى الله بائن عنه ؛ فهو مخلوق ؛ فليس كل ما أضيف إلى الله يستلزم أن يكون صفةً له)) (4) . _________ (1) الكلام على الصفات للخطيب البغدادي (ص20) ، ((الحجة في بيان المحجة)) لقوام السنة (1/174) ، ((التدمرية)) (ص43) ، ((مجموع الفتاوى))(5/330 ، 6/355).
مثال الأول : سمعُ الله ، وبصرُ الله ، ورضاه ، وسخطُه... ومثال الثاني : بيت الله ، وناقة الله...
القاعدة السادسة عشرة : ((صفات الله عَزَّ وجَلَّ وسائر مسائل الاعتقاد تثبت بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان حديثاً واحداً ، وإن كان آحاداً)) (1) . القاعدة السابعة عشرة : ((معاني صفات الله عَزَّ وجَلَّ الثابتة بالكتاب أو السنة معلومة ، وتُفسر على الحقيقة ، لا مجاز ولا استعارة فيها البتة ، أمَّا الكيفية ؛ فمجهولة)) (2) . القاعدة الثامنة عشرة : (( ما جاء في الكتاب أو السنة ، وجب على كل مؤمن القول بموجبه والإيمان به ، وإن لم يفهم معناه)) (3) . _________ (1) ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/332 و 412 و 433). (2) ((التدمرية)) (ص 43-44) ، ((مجموع الفتاوى)) (5/36-42) ، ((مختصر الصواعق المرسلة))(1/238 ،2/106 وما بعدها). (3) ((التدمرية)) (65) ، ((مجموع الفتاوى)) (5/298) ، ((دقائق التفسير)) (5/245).
القاعدة التاسعة عشرة : ((باب الأخبار أوسع من باب الصفات ، وما يطلق عليه من الأخبار ؛ لا يجب أن يكون توقيفياً ؛ كالقديم ، والشيء ، والموجود...)) (1) . القاعدة العشرون : ((صفات الله عَزَّ وجَلَّ لا يقاس عليها)) (2) . فلا يقاس السخاءُ على الجود ، ولا الجَلَدُ على القوة ، ولا الاستطاعةُ على القدرة ، ولا الرقة على الرحمة والرأفة ، ولا المعرفة على العلم... وهكذا ؛ لأن صفات الله عَزَّ وجَلَّ لا يتجاوز فيها التوقيف ؛ كما مر في القاعدة الثالثة. القاعدة الحادية والعشرون : صفات الله عَزَّ وجَلَّ لا حصر لها ؛ لأن كل اسم يتضمن صفة - كما مرَّ في القاعدة الثامنة - ، وأسماء الله لا حصر لها ، فمنها ما استأثر الله به في علم الغيب عنده. _________ (1) ((بدائع الفوائد)) لابن القيم (1/162). (2) ((شأن الدعاء)) للخطابي (ص 111)
| |
|
من ال البيت الفقير الى الله
عدد المساهمات : 636 تاريخ التسجيل : 30/03/2009
| موضوع: رد: الاسمـــاء والصفـــات السبت ديسمبر 26, 2009 1:36 am | |
| المبحث الثالث أنواع الصفات (1)
يمكن تقسيم صفات الله عَزَّ وجَلَّ إلى ثلاثة أقسام (2) : أولاً : من حيث إثباتها ونفيها. ثانياً : من حيث تعلقها بذات الله وأفعاله. ثالثاً : من حيث ثبوتها وأدلتها. وكل قسم من هذه الأقسام الثلاثة ينقسم إلى نوعين : أولاً : من حيث إثباتها ونفيها : أ - صفات ثبوتيه : وهي ما أثبته الله سبحانه وتعالى لنفسه ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ كالاستواء ، والنُّزُول ، والوجه ، واليد ...ونحو ذلك ، وكلها _________ (1) راجع لذلك : (( مجموع الفتاوى )) لشيخ الإسلام ابن تيمية (6/217 و 233 ) ، و (( دقائق التفسير )) له ( 5/225 - 237 ) و (( شرح الهرَّاس للقصيدة النونية )) (2/109 ) ، و ((القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى)) للشيخ محمد بن عثيمين ( ص31 -34 ) (2) هذه التقسيمات حادثة ، لم يعرفها السلف الأوائل ، لكن لما خاض المتكلمون في صفات الله عَزَّ وجَلَّ ، وأوَّلُوها، وعطَّلُوها ، وقسَّموها إلى أقسام ما أنزل الله بها من سلطان ،كالصفات النفسية والمعنوية وغير ذلك ؛ اضطر علماء أهل السنة لهذا التقسيم ، واصطلحوا عليه.
صفات مدح وكمال ، وهي أغلب الصفات المنصوص عليها في الكتاب والسنة ، ويجب إثباتها.
ب- صفات سلبية : وهي ما نفاه الله عن نفسه ، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكلها صفات نقص ؛ كالموت ، والسِّنة ، والنوم ، والظلم...وغالباً تأتي في الكتاب أو السنة مسبوقة بأداة نفي ؛ مثل (لا) و (ما) و (ليس) ، وهذه تُنفى عن الله عَزَّ وجَلَّ ، ويُثبت ضدها من الكمال. ثانياً : من حيث تعلقها بذات الله وأفعاله : أ - صفات ذاتِيَّة : وهي التي لم يزل ولا يزال الله متصفاً بها ؛ كالعلم ، والقدرة ، والحياة ، والسمع ، والبصر ، والوجه ، واليدين...ونحو ذلك. ب- صفات فعليَّة : وهي الصفات المتعلقة بمشيئة الله وقدرته ، إن شاء فعلها ، وإن شاء لم يفعلها ؛ كالمجيء ، والنُّزُول ، والغضب ، والفرح ، والضحك ... ونحو ذلك ، وتسمى (الصفات الاختيارية). وأفعاله سبحانه وتعالى نوعان : 1- لازمة : كالاستواء ، والنُّزُول ، والإتيان ... ونحو ذلك.
وأفعاله سبحانه وتعالى لا منتهى لها ، { وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاء } ، وبالتالي صفات الله الفعليَّة لا حصر لها. والصفات الفعليَّة من حيث قيامها بالذات تسمى صفات ذات ، ومن حيث تعلقها بما ينشأ عنها من الأقوال والأفعال تسمى صفات أفعال ، ومن أمثلة ذلك صفة الكلام ؛ فكلام الله عَزَّ وجَلَّ باعتبار أصله ونوعه صفة ذات ، وباعتبار آحاد الكلام وأفراده صفة فعل. ثالثاً : من حيث ثبوتها وأدلتها : أ - صفات خبرية : وهي الصفات التي لا سبيل إلى إثباتها إلا السمع والخبر عن الله أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتسمى (صفات سمعية أو نقلية) ، وقد تكون ذاتِيَّة ؛ كالوجه ، واليدين ، وقد تكون فعليَّة ؛ كالفرح ، والضحك. ب - صفات سمعية عقلية : وهي الصفات التي يشترك في إثباتها الدليل السمعي (النقلي) والدليل العقلي ، وقد تكون ذاتِيَّة ؛ كالحياة والعلم ، والقدرة ، وقد تكون فعليَّة ؛ كالخلق ، والإعطاء.
المبحث الرابع ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ
اعلم - وفقني اللهُ وإيَّاك - أن العلم بصفات الله عَزَّ وجَلَّ ، والإيمان بها ، على ما يليق به سبحانه ، وتدبرها : يورث ثمرات عظيمة وفوائد جليلة، تجعل صاحبها يذوق حلاوة الإيمان ، وقد حُرِمها قوم كثيرون من المعطِّلة والمؤوِّلة والمشبهة ، وإليك بعضاً منها : 1- فمن ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ : أن العبد يسعى إلى الاتصاف والتحلِّي بها على ما يليق به ؛ لأنه من المعلوم عند أرباب العقول أن المحب يحب أن يتصف بصفات محبوبه ؛ كما أن المحبوب يحب أن يتحلَّى مُحِبُّهُ بصفاته ؛ فهذا يدعو العبد المحب لأن يتصف بصفات محبوبه ومعبوده كلٌّ على ما يليق به ، فالله كريم يحب الكرماء ، رحيم يحب الرحماء ، رفيق يحب الرفق، فإذا علم العبد ذلك ؛ سعى إلى التحلي بصفات الكرم والرحمة والرفق، وهكذا في سائر الصفات التي يحب الله تعالى أن يتحلَّى بها العبد على ما يليق بذات العبد. 2- ومنها : أن العبد إذا آمن بصفة ( الحب والمحبة ) لله تعالى وأنه سبحانه ( رحيم ودود ) استأنس لهذا الرب ، وتقرَّب إليه بما يزيد حبه ووده له ، (( ولا يزال العبد يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه )) وسعى إلى أن يكون ممن يقول الله فيهم : ((يا جبريل إني أُحبُّ فلاناً فأحبَّه ، فيُحبُّه جبريل ، ثم ينادي في السماء : إن الله يحبُّ فلاناً فأحبوه ، فيُحبُّه أهلُ السماء ثم يوضع له
القبول في الأرض)) و من آثار الإيمان بهذه الصفة العظيمة أن من أراد أن يكون محبوباً عند الله اتبع نبيه صلى الله عليه وسلم { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللهُ } وحبُّ الله للعبد مرتبطٌ بحبِ العبدِ لله ، وإذا غُرِست شجرةُ المحبة في القلب ، وسُقيت بماء الإخلاص ، ومتابعة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، أثمرت أنواعَ الثمار ، وآتت أُكُلَها كلَّ حينٍ بإذن ربها . ... 3- ومنها : أنه إذا آمن العبد بصفات (العلم ، والإحاطة ، والمعية) ؛ أورثه ذلك الخوف من الله عَزَّ وجَلَّ المطَّلع عليه الرقيب الشهيد ، فإذا آمن بصفة (السمع) ؛ علم أن الله يسمعه ؛ فلا يقول إلا خيراً ، فإذا آمن بصفات (البصر ، والرؤية ، والنظر ، والعين) ؛ علم أن الله يراه ؛ فلا يفعل إلا خيراً ؛ فما بالك بعبد يعلم أن الله يسمعه ، ويراه ، ويعلم ما هو قائله وعامله ، أليس حريٌّ بهذا العبد أن لا يجده الله حيث نهاه ، ولا يفتقده حيث أمره؟! فإذا علم هذا العبد وآمن أن الله (يحبُّ ، ويرضى) ؛ عمل ما يحبُّه معبوده ومحبوبه وما يرضيه ، فإذا آمن أن من صفاته (الغضب ، والكره ، والسخط ، والمقت ، والأسف ، واللعن) ؛ عمل بما لا يُغْضب مولاه ولا يكرهه حتى لا يسخط عليه ويمقته ثم يلعنه ويطرده من رحمته ، فإذا آمن بصفات (الفرح ، والبشبشة ، والضحك) ؛ أنس لهذا الرب الذي يفرح لعباده ويتبشبش لهم ويضحك لهم ؛ ما عدمنا خيراً من ربًّ يضحك.
4- ومنها : أنه إذا علم العبد وآمن بصفات الله من (الرحمة ، والرأفة ، والتَّوْب ، واللطف ، والعفو ، والمغفرة ، والستر ، وإجابة الدعاء) ؛ فإنه كلما وقع في ذنب ؛ دعا الله أن يرحمه ويغفر له ويتوب عليه ، وطمع فيما عند الله من سترٍ ولطفٍ بعباده المؤمنين ، فأكسبه هذا رجعة وأوبة إلى الله كلما أذنب ، ولا يجد اليأس إلى قلبه سبيلاً ، كيف ييأس من يؤمن بصفات (الصبر ، والحلم)؟! كيف ييأس من رحمة الله من علم أن الله يتصف بصفة (الكرم ، والجود ، والعطاء)؟!. 5-ومنها : أن العبد الذي يعلم أن الله متصف بصفات (القهر ، والغلبة ، والسلطان ، والقدرة ، والهيمنة ، والجبروت) ؛ يعلم أن الله لا يعجزه شيء ؛ فهو قادر على أن يخسف به الأرض ، وأن يعذبه في الدنيا قبل الآخرة ؛ فهو القاهر فوق عباده ، وهو الغالب من غالبه ، وهو المهيمن على عباده ، ذو الملكوت والجبروت والسلطان القديم ؛ فسبحان ربي العظيم. 6-ومن ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ أن يظل العبد دائم السؤال لربه ، فإن أذنب ؛ سأله بصفات (الرحمة ، والتَّوب ، والعفو ، والمغفرة) أن يرحمه ويتوب عليه ويعفو عنه ويغفر له ، وإن خشي على نفسه من عدو متجهم جبار ؛ سأل الله بصفات (القوة ، والغلبة ، والسلطان ، والقهر ، والجبروت) ؛ رافعاً يديه إلى السماء ، قائلاً : يا رب! يا ذا القوة والسلطان
والقهر والجبروت! اكفنيه. فإن آمن أن الله (كفيل ، حفيظ ، حسيب ، وكيل) ؛ قال : حسبنا الله ونعم الوكيل ، وتوكل على (الواحد ، الأحد ، الصمد) ، وعلم أن الله ذو (العزة ، والشدة ، والمحال ، والقوة ، والمنعة) مانعه من أعدائه ، ولن يصلوا إليه بإذنه تعالى ، فإذا أصيب بفقر ؛ دعا الله بصفات (الغنى ، والكرم ، والجود ، والعطاء) ، فإذا أصيب بمرض ؛ دعاه لأنه هو (الطبيب ، الشافي ، الكافي) ، فإن مُنع الذُرِّيَّة ؛ سأل الله أن يرزقه ويهبه الذرية الصالحة ؛ لأنه هو (الرَّزَّاق ، الوهَّاب) ... وهكذا فإنَّ من ثمرات العلم بصفات الله والإيمان بها دعاءه بها. 7-ومنها : أن العبد إذا تدبر صفات الله من (العظمة ، والجلال ، والقوة ، والجبروت ، والهيمنة) ؛ استصغر نفسه ، وعلم حقارتها ، وإذا علم أن الله مختص بصفة (الكبرياء) ؛ لم يتكبَّر على أحد ، ولم ينازع الله فيما خصَّ نفسه من الصفات ، وإذا علم أن الله متصف بصفة (الغنى ، والملك ، والعطاء) ؛ استشعر افتقاره إلى مولاه الغني ، مالك الملك ، الذي يعطي من يشاء ويمنع من يشاء. 8-ومنها : أنه إذا علم أن الله يتصف بصفة (القوة ، والعزة ، والغلبة)، وآمن بها ؛ علم أنه إنما يكتسب قوته من قوة الله ، وعزته من عزة الله ؛ فلا يذل ولا يخنع لكافر ، وعلم أنه إن كان مع الله ؛ كان الله معه ، ولا غالب لأمره
. 9-ومن ثمرات الإيمان بصفات الله : أن لا ينازع العبدُ اللهَ في صفة (الحكم ، والألوهية ، والتشريع ، والتحليل ، والتحريم) ؛ فلا يحكم إلا بما أنزل الله ، ولا يتحاكم إلا إلى ما أنزل الله . فلا يحرِّم ما أحلَّ الله ، ولا يحل ما حرَّم الله. 10-ومنها : أن صفات (الكيد ، والمكر ، والاستهزاء ، والخداع) إذا آمن بها العبد على ما يليق بذات الله وجلاله وعظمته ؛ علم أن لا أحد يستطيع أن يكيد لله أو يمكر به ، وهو خير الماكرين سبحانه ، كما أنه لا أحد من خلقه قادر على أن يستهزئ به أو يخدعه ، لأن الله سيستهزئ به ويخادعه ومن أثر استهزاء الله بالعبد أن يغضب عليه ويمقته ويعذبه ، فكان الإيمان بهذه الصفات وقاية للعبد من الوقوع في مقت الله وغضبه. 11- ومنها : أن العبد يحرص على ألاَّ ينسى ربه ويترك ذكره ، فإن الله متصف بصفة (النسيان ، والترك) ؛ فالله قادرٌ على أن ينساه - أي : يتركه، { نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ } ، فتجده دائم التذكر لأوامره ونواهيه. 12- ومنها أن العبد الذي يعلم أن الله متصف بصفة (السلام ، والمؤمن ، والصِّدق) ؛ فإنه يشعر بالطمأنينة والهدوء النفسي ؛ فالله هو السلام، ويحب السلام ، فينشر السلام بين المؤمنين ، وهو المؤمن الذي أمِنَ الخلقُ من ظلمه ، وإذا اعتقد العبد أن الله متصف بصفة (الصَّدق) ، وأنه
وعده إن هو عمل صالحاً جنات تجري من تحتها الأنهار ؛ علم أن الله صادق في وعده ، لن يخلفه ، فيدفعه هذا لمزيدٍ من الطاعة ، طاعة عبدٍ عاملٍ يثقُ في سيِّده وأجيرٍ في مستأجره أنَّه موفيه حقَّه وزيادة . 13- ومنها : أن صفات الله الخبرية كـ (الوجه ، واليدين ، والأصابع، والأنامل ، والقدمين ، والساق ، وغيرها) تكون كالاختبار الصعب للعباد ، فمن آمن بها وصدق بها على وجه يليق بذات الله عَزَّ وجَلَّ بلا تمثيل ولا تحريف ولا تكييف ، وقال : كلُّ من عند ربنا ، ولا فرق بين إثبات صفة العلم والحياة والقدرة وبين هذه الصفات ، مَن هذا إيمانه ومعتقده؛ فقد فاز فوزاً عظيماً ، ومن قدَّم عقله السقيم على النقل الصحيح ، وأوَّل هذه الصفات ، وجعلها من المجاز ، وحرَّف فيها ، وعطَّلها ؛ فقد خسر خسراناً مبيناً ، إذ فرَّق بين صفة وصفة ، وكذَّب الله فيما وصف به نفسه ، وكذَّب رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلو لم يكن من ثمرة الإيمان بهذه الصفات إلا أن تُدخل صاحبها في زمرة المؤمنين الموحِّدين ؛ لكفى بها ثمرة ، ولو لم يكن من ثمراتها إلا أنها تميِّز المؤمن الحق الموحِّد المصدِّق لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وبين ذاك الذي تجرَّأ عليهما ، وحرَّف نصوصهما ، واستدرك عليهما ؛لكفى، فكيف إذا علمت أن هناك ثمراتٍ أخرى عظيمةً للإيمان بهذه الصفات الخبرية ؛ منها أنك إذا آمنت أن لله وجهاً يليق بجلاله
وعظمته ، وأن النظر إليه من أعظم ما ينعم الله على عبده يوم القيامة ، وقد وعد به عباده الصالحين ؛ سألت الله النظر إلى وجهه الكريم ، فأعطاكه ، وأنك إذا آمنت أن لله يداً ملأى لا يغيضها نفقة ، وأن الخير بين يديه سبحانه ؛ سألته مما بين يديه ، وإذا علمت أن قلبك بين إصبعين من أصابع الرحمن ؛ سألت الله أن يثبت قلبك على دينه ... وهكذا. 14- ومن ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ : تَنْزِيه الله وتقديسه عن النقائص ، ووصفه بصفات الكمال ، فمن علم أن من صفاته (القُدُّوس ، السُّبُّوح )؛ نَزَّه الله من كلِّ عيبٍ ونقصٍ ، وعلم أن الله { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء } 15- ومنها : أن من علم أن من صفات الله (الحياة ، والبقاء) ؛ علم أنه يعبد إلهاً لا يموت ، ولا تأخذه سنة ولا نوم ، فأورثه ذلك محبة وتعظيماً وإجلالاً لهذا الرب الذي هذه صفته. 16- ومن ثمرات الإيمان بصفة (العلو ، والفوقية ، والاستواء على العرش ، والنُّزُول ، والقُرب ، والدُّنُو) ؛ أن العبد يعلم أن الله منزه عن الحلول بالمخلوقات ، وأنه فوق كل شيء ، مطَّلع على كل شيء ، بائن عن خلقه ، مستو على عرشه ، وهو قريب من عبده بعلمه ، فإذا احتاج العبد إلى ربه ؛ وجده قريباً منه ، فيدعوه ، فيستجيب دعاءه ، وينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الآخر من الليل كما يليق به سبحانه ، فيقول : من يدعوني فأستجب
له ، فيورث ذلك حرصاً عند العبد بتفقد هذه الأوقات التي يخلو فيها مع ربه القريب منه ، فهو سبحانه قريب في علوه ، بعيد في دنوه. 17- ومنها أن الإيمان بصفة (الكلام) وأن القرآن كلام الله يجعل العبد يستشعر وهو يقرأ القرآن أنه يقرأ كلام الله ، فإذا قرأ : { يا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } ؛ أحسَّ أن الله يكلمه ويتحدث إليه ، فيطير قلبه وجلاً ، وأنه إذا آمن بهذه الصفة ، وقرأ في الحديث الصحيح أن الله سيكلمه يوم القيامة ، ليس بينه وبينه ترجمان ؛ استحى أن يعصي الله في الدنيا ، وأعد لذلك الحساب والسؤال جواباً. وهكذا ؛ فما من صفة لله تعالى ؛ إلا وللإيمان بها ثمرات عظيمة ، وآثار كبيرة مترتبة على ذلك الإيمان ؛ فما أعظم نعم الله على أهل السنة والجماعة الذين آمنوا بكل ذلك على الوجه الذي يليق بالله تعالى!.
| |
|